أطفال الجنة
أطفال الجنة
ليلة البارحة جلست لأحكي لصغيراتي إبراء و أمامة و زوينة حكاية قبل النوم، و كما دأبت من قبل أحاول غرس الإيمان في نفوسهن عبر قصة خيالية يعشقها الصغار.
كانت حكاية الأمس عن طفلين اسمهما صالح و الشيماء، فارقا الحياة الدنيا فإذا بهما في المحشر مع جموع المؤمنين
لم يستغرق السرد وقتا طويلا من جانبي ، فقد اقتصرت على مشهد أحد الملائكة الكرام يؤتيهما كتابيهما باليمين ، و تهلل وجه صالح فرحا و هو يرى ما عمله من حسنات مسطورا في كتابه، فطفق ينادي (هاؤم اقرؤوا كتابيه ، إني ظننت أني ملاق حسابيه)
و انطلق الشيماء و صالح مع زمر المؤمنين إلى الجنة (حتى إذا جاؤوها و فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)
و توقفت هنيهة لأصف لحظة دخول المؤمنين إلى الجنة ، ثم تركت للأحلام الصغيرة تكمل المشهد ، و تفصل القول
قالت إبراء ذات السنوات الأربع: سأطلب في الجنة جميدة كبيرة (الجميدة تسمى باللغة الإنجليزية آيس كريم)
فأضافت أمامة الخماسية: في الجنة لا أحد يقول لنا لا تأكلوا الجميدة حتى لا تضركم ..سوف نأكلها و لن يعارضنا أحد
و انتقلت أمامة من الجميدة إلى حلم أي أنثى ..إلى الذهب : سوف ألبس تاجا كبيرا كله من الذهب
أما زوينة فما زالت تتذكر أنها لا تبدأ بالنط فوق السرير حتى يقرعها أبوها أو أمها، فتضطر إلى الانصراف عنه إلى لعبة أخرى أقل مرحا و تشويقا
قالت زوينة لأختيها بلهجة الواثق: في الجنة أسرة كثيرة متقابلة ، حينما ننط فوقها نصل إلى السحاب و نعود دون ألم ..هناك سوف أنط كما أشاء.
غلبتني دموع الشوق إلى الجنة فخرجت لأترك الأحلام الصغيرة تكمل المشهد.
و الآن أعود إليكم معاشر المربين لأقول: إن كل إنسان تسكنه رغبات تلح عليه (زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الأنعام و الحرث)
التربويون الغربيون ينصحون دائما بتفريغ هذه الرغبات عند الأطفال إما عبر تمكينهم من رسمها على الورق، أو تخيل حدوثها في المستقبل
و حينما ترجمت كتب التربية الغربية أخذ هذان العنصران (الرسم و الخيال) حيزا كبيرا من أدبيات التربية العربية الوافدة من الشمال
إنني لا أنفي فائدة الرسم و الخيال في إحداث تفريغ إيجابي للطفل و تمكينه من العيش بسلام نفسي بعيد عن الاحتراق بجحيم الرغبات الملحة ، لكنني أزعم أن ذلك التفريغ وقتي ، لا يستمر سوى سويعات أو أيام ثم تشتعل الرغبات مرة أخرى
و من عجب أن نلجأ إلى استخدام التفريغ بالرسم و الخيال و نحن نؤمن بالجنة جزاء للمؤمنين ، و فيها من صنوف النعيم ما يعجز عنه العادون و تقصر دونه الظنون.
إنني أنصح كل مرب مؤمن أن يفعل كما فعلت مع صغيراتي:
1- نوع في قصصك ، وابدأ بخيال ينتهي إلى حقيقة
2- كلما ألح أحد صغارك بطلب شيء لا تملكه أو أنك لا تريد شراءه ، فناد بأعلى صوتك: قصة ..قصة ..قصة ، و ما عليك سوى أن تبدأ بقصة تفضي بهم إلى الجنة حتى تجد النفوس قد هدأت ، و الآذان قد أصاخت
3- اترك لهم الفرصة ليتخيلوا الجنة كما يشاؤون، و لكن لا تنصب نفسك مفتيا، فتقول: يوجد في الجنة جميدة و بليستيشن و دمى و ألعاب
4- إذا حاصرك الصغار بالسؤال عن شيء محدد في الجنة فأجبهم بنص قرآني: (فيها ما تلذ الأعين) أو حديث شريف (فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر)
5- في وسط القصة اتل على صغارك آية قرآنية تصف الجنة ، مثل قوله سبحانه: (إن للمتقين مفازا، حدائق و أعنابا) و مرهم أن يرددوا خلفك ..كرروا الآية ثلاث مرات ، فالتكرار أدعى إلى رسوخ المعنى في النفس
هل أعجبتك الفكرة ..ماذا تنظر إذن؟ بادر إلى التطبيق و بشرنا بالنتائج
عبدالله بن عامر العيسري
٢٦ من شوال ١٤٣١
ليلة البارحة جلست لأحكي لصغيراتي إبراء و أمامة و زوينة حكاية قبل النوم، و كما دأبت من قبل أحاول غرس الإيمان في نفوسهن عبر قصة خيالية يعشقها الصغار.
كانت حكاية الأمس عن طفلين اسمهما صالح و الشيماء، فارقا الحياة الدنيا فإذا بهما في المحشر مع جموع المؤمنين
لم يستغرق السرد وقتا طويلا من جانبي ، فقد اقتصرت على مشهد أحد الملائكة الكرام يؤتيهما كتابيهما باليمين ، و تهلل وجه صالح فرحا و هو يرى ما عمله من حسنات مسطورا في كتابه، فطفق ينادي (هاؤم اقرؤوا كتابيه ، إني ظننت أني ملاق حسابيه)
و انطلق الشيماء و صالح مع زمر المؤمنين إلى الجنة (حتى إذا جاؤوها و فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين)
و توقفت هنيهة لأصف لحظة دخول المؤمنين إلى الجنة ، ثم تركت للأحلام الصغيرة تكمل المشهد ، و تفصل القول
قالت إبراء ذات السنوات الأربع: سأطلب في الجنة جميدة كبيرة (الجميدة تسمى باللغة الإنجليزية آيس كريم)
فأضافت أمامة الخماسية: في الجنة لا أحد يقول لنا لا تأكلوا الجميدة حتى لا تضركم ..سوف نأكلها و لن يعارضنا أحد
و انتقلت أمامة من الجميدة إلى حلم أي أنثى ..إلى الذهب : سوف ألبس تاجا كبيرا كله من الذهب
أما زوينة فما زالت تتذكر أنها لا تبدأ بالنط فوق السرير حتى يقرعها أبوها أو أمها، فتضطر إلى الانصراف عنه إلى لعبة أخرى أقل مرحا و تشويقا
قالت زوينة لأختيها بلهجة الواثق: في الجنة أسرة كثيرة متقابلة ، حينما ننط فوقها نصل إلى السحاب و نعود دون ألم ..هناك سوف أنط كما أشاء.
غلبتني دموع الشوق إلى الجنة فخرجت لأترك الأحلام الصغيرة تكمل المشهد.
و الآن أعود إليكم معاشر المربين لأقول: إن كل إنسان تسكنه رغبات تلح عليه (زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الأنعام و الحرث)
التربويون الغربيون ينصحون دائما بتفريغ هذه الرغبات عند الأطفال إما عبر تمكينهم من رسمها على الورق، أو تخيل حدوثها في المستقبل
و حينما ترجمت كتب التربية الغربية أخذ هذان العنصران (الرسم و الخيال) حيزا كبيرا من أدبيات التربية العربية الوافدة من الشمال
إنني لا أنفي فائدة الرسم و الخيال في إحداث تفريغ إيجابي للطفل و تمكينه من العيش بسلام نفسي بعيد عن الاحتراق بجحيم الرغبات الملحة ، لكنني أزعم أن ذلك التفريغ وقتي ، لا يستمر سوى سويعات أو أيام ثم تشتعل الرغبات مرة أخرى
و من عجب أن نلجأ إلى استخدام التفريغ بالرسم و الخيال و نحن نؤمن بالجنة جزاء للمؤمنين ، و فيها من صنوف النعيم ما يعجز عنه العادون و تقصر دونه الظنون.
إنني أنصح كل مرب مؤمن أن يفعل كما فعلت مع صغيراتي:
1- نوع في قصصك ، وابدأ بخيال ينتهي إلى حقيقة
2- كلما ألح أحد صغارك بطلب شيء لا تملكه أو أنك لا تريد شراءه ، فناد بأعلى صوتك: قصة ..قصة ..قصة ، و ما عليك سوى أن تبدأ بقصة تفضي بهم إلى الجنة حتى تجد النفوس قد هدأت ، و الآذان قد أصاخت
3- اترك لهم الفرصة ليتخيلوا الجنة كما يشاؤون، و لكن لا تنصب نفسك مفتيا، فتقول: يوجد في الجنة جميدة و بليستيشن و دمى و ألعاب
4- إذا حاصرك الصغار بالسؤال عن شيء محدد في الجنة فأجبهم بنص قرآني: (فيها ما تلذ الأعين) أو حديث شريف (فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر)
5- في وسط القصة اتل على صغارك آية قرآنية تصف الجنة ، مثل قوله سبحانه: (إن للمتقين مفازا، حدائق و أعنابا) و مرهم أن يرددوا خلفك ..كرروا الآية ثلاث مرات ، فالتكرار أدعى إلى رسوخ المعنى في النفس
هل أعجبتك الفكرة ..ماذا تنظر إذن؟ بادر إلى التطبيق و بشرنا بالنتائج
عبدالله بن عامر العيسري
٢٦ من شوال ١٤٣١
تعليقات
إرسال تعليق